سورة الأنبياء - تفسير تفسير البغوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأنبياء)


        


{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ} قرأ حمزة والكسائي وحفص عن عاصم نوحي إليه بالنون وكسر الحاء على التعظيم، لقوله: {وَمَا أَرْسَلْنَا} وقرأ الآخرون بالياء وفتح الحاء على الفعل المجهول، {أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ} وحدون. قوله عز وجل: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا} نزلت في خزاعة حيث قالوا: الملائكة بنات الله، {سُبْحَانَهُ} نزه نفسه عما قالوا، {بَلْ عِبَادٌ} أي هم عباد، يعني الملائكة، {مُكْرَمُونَ} {لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ} لا يتقدمونه بالقول ولا يتكلمون إلا بما يأمرهم به، {وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ} معناه أنهم لا يخالفونه قولا ولا عملا. {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ} أي ما عملوا وما هم عاملون. وقيل: ما كان قبل خلقهم وما يكون بعد خلقهم {وَلا يَشْفَعُونَ إِلا لِمَنِ ارْتَضَى} قال ابن عباس: أي لمن قال لا إله إلا الله، وقال مجاهد: أي لمن رضي عنه {وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ} خائفون لا يأمنون مكره. {وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ} قال قتادة: عنى به إبليس حين دعا إلى عبادة نفسه وأمر بطاعة نفسه، فإن أحدا من الملائكة لم يقل إني إله من دون الله {فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ} الواضعين الإلهية والعبادة في غير موضعها.


{أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا} قرأ ابن كثير {لم ير} بغير واو وكذلك هو في مصاحفهم، معناه: ألم يعلم الذين كفروا، {أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ كَانَتَا رَتْقًا} قال ابن عباس رضي الله عنهما وعطاء وقتادة: كانتا شيئا واحدا ملتزقتين {فَفَتَقْنَاهُمَا} فصلنا بينهما بالهواء، والرتق في اللغة: السد، والفتق: الشق.
قال كعب: خلق الله السموات والأرض بعضها على بعض، ثم خلق ريحا فوسطها ففتحها بها.
قال مجاهد والسدي: كانت السموات مرتقة طبقة واحدة ففتقها فجعلها سبع سماوات، وكذلك الأرض كانتا مرتقة طبقة واحدة فجعلها سبع أرضين.
قال عكرمة وعطية: كانت السماء رتقا لا تمطر والأرض رتقا لا تنبت، ففتق السماء بالمطر والأرض بالنبات. وإنما قال: {رَتْقًا} على التوحيد وهو من نعت السموات والأرض لأنه مصدر وضع موضع الاسم، مثل الزور والصوم ونحوهما. {وَجَعَلْنَا} وخلقنا {مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} أي: وأحيينا بالماء الذي ينزل من السماء كل شيء حي أي من الحيوان ويدخل فيه النبات والشجر، يعني أنه سبب لحياة كل شيء والمفسرون يقولون: يعني أن كل شيء حي فهو مخلوق من الماء. كقوله تعالى: {والله خلق كل دابة من ماء} [النور: 45]، قال أبو العالية: يعني النطفة، فإن قيل: قد خلق الله بعض ما هو حي من غير الماء؟ قيل: هذا على وجه التكثير، يعني أن أكثر الأحياء في الأرض مخلوقة من الماء أو بقاؤه بالماء، {أَفَلا يُؤْمِنُونَ}.
{وَجَعَلْنَا فِي الأرْضِ رَوَاسِيَ} جبالا ثوابت، {أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ}؛ يعني كي لا تميد بهم {وَجَعَلْنَا فِيهَا} في الرواسي: {فِجَاجًا} طرقا ومسالك، والفج: الطريق الواسع بين الجبلين، أي جعلنا بين الجبال طرقا حتى يهتدوا إلى مقاصدهم، {سُبُلا} تفسير للفجاج، {لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ}.


{وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا} من أن تسقط، دليله قوله تعالى: {ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه} [الحج: 65]، وقيل: محفوظا من الشياطين بالشهب، دليله قوله تعالى: {وحفظناها من كل شيطان رجيم} [الحجر: 17]، {وَهُمْ} يعني الكفار، {عَنْ آيَاتِهَا} ما خلق الله فيها من الشمس والقمر والنجوم وغيرها، {مُعْرِضُونَ} لا يتفكرون فيها ولا يعتبرون بها. {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} يجرون ويسيرون بسرعة كالسابح في الماء، وإنما قال: {يَسْبَحُونَ} ولم يقل يسبح على ما يقال لما لا يعقل، لأنه ذكر عنها فعل العقلاء من الجري والسبح، فذكر على ما يعقل.
والفلك: مدار النجوم الذي يضمها، والفلك في كلام العرب: كل شيء مستدير، وجمعه أفلاك، ومنه فلك المغزل.
وقال الحسن: الفلك طاحونة كهيئة فلكة المغزل: يريد أن الذي يجري فيه النجوم مستدير كاستدارة الطاحونة.
وقال بعضهم: الفلك السماء الذي فيه ذلك الكوكب، فكل كوكب يجري في السماء الذي قدر فيه، وهو معنى قول قتادة.
وقال الكلبي الفلك استدارة السماء.
وقال آخرون: الفلك موج مكفوف دون السماء يجري فيه الشمس والقمر والنجوم.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8